-A +A
أنمار مطاوع
الخرافات والعلم نقيضان لا يجتمعان.. ولكن إذا غاب العلم، يجب على القانون أن يحمي الجهلاء من الخرافات.. فالقانون وضع لحماية الجميع خصوصا الجهلاء والمغفلين والبسطاء.

الجرأة في حالات نادرة فقط تكون مرادفة للشجاعة.. ولكن في معظم حالاتها هي أقرب للتهور وكسر لقواعد الأدب.. ودلالة على الوقاحة والغطرسة والتجاوز على الحق.


توجد ظاهرة تمتد جذورها لعصور الجهل المظلم.. وهي جرأة البعض على وصف علاجات لكل شيء، قد تكون وصفات من الطب الشعبي؛ وأحيانا تعطى نفحة من البركة والشرعية فتوصف بالطب النبوي، أو تأخذهم الجرأة والحماس أكثر فيصفون أدوية مضادات حيوية (!؟!).. لكل من يشكو من أمر ما. هم يخفقون أحيانا.. ويخفقون أحيانا أخرى أيضا.. ولكنهم مستمرون.

هذه الظاهرة تفاقمت خلال أزمة كوفيد-19 إلى درجة التقزز والقرف من الوصفات ومن أصحابها. مما دفع فضيلة نائب وزير الشؤون الإسلامية الدكتور يوسف بن سعيد قبل أسبوعين.. وأيضا دار الإفتاء المصرية نهاية الأسبوع الماضي إلى الإشارة بأن «وصف الدواء لمرضى فيروس كورونا المستجد.. من اختصاص الطبيب المعالج فقط..».. استنادا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا؛ فَهُوَ ضَامِنٌ».

وقد أشار فضيلة الشيخ ابن باز -رحمه الله- في شرحه للحديث إلى معنى أشمل وأعم وهو أن «الجرأة على الخطأ والتعدي على الناس في وصف علاجات للبطن أو الرأس أو غيرهما.. ظلم مستحق للعقوبة وضامن لما حصل بأسبابه من التلف أو التعطيل».

بعض التلف يحتاج لفترات قصيرة أو طويلة حتى يظهر.. أي أنه لا يظهر مباشرة. لهذا وجب تجريم هذه الجرأة على الخطأ وظلم النفس والآخرين والتعدي على عباد الله سواء بنية النصح أو بنية نقل النصيحة.. فحسن النوايا لا يشفع حين يتعلق الأمر بالعبث بحياة الناس وصحتهم.

من المهم وضع قانون تجريم التطبّب ونشره أو إعادة نشره، سواء في المرحلة الحالية أو مستقبلا.. يضاف للجرائم المعلوماتية.. ويشمل كل الوصفات المتعلقة بالتطبّب من غير أهل الاختصاص. فمجرد التجرؤ عليها -حتى قبل ظهور ضرر الوصفة- يجب أن يصنّف كجريمة.

كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com